يبدو أن فيروس الإيدز العصيّ على الطب لن يعود كذلك قريباً، حيث ادّعى مجموعة من العلماء الأمريكيين أن بمقدورهم تعديل بعض خلايا الإنسان وراثياً لتصبح بمثابة "سرية مداهمة" تبحث عن الخلايا المصابة بالإيدز ومن ثم تقتلها. هذا وتركّز معظم الدراسات السابقة حول الإيدز على اللقاحات والأدوية التي تساعد على تأخير وعرقلة تقدّم الفيروس، ومن هنا تأتي أهمية هذه الدراسة التي توفّر الأمل لابتداع علاج قادر على سحق فيروس HIV والقضاء عليه بشكل كامل.
فالدراسة المنشورة يوم 12 نيسان/أبريل في مجلة PLoS تثبت وللمرة الأولى أن الخلايا الجذعية يمكن هندستها وراثياً لتصبح خلايا مناعية قادرة على استهداف فيروس HIV بشكل فعّال وناجع وذلك لدى أنسجة حيوانية حيّة. وتعقيباً يقول البروفيسور المساعد في قسم أمراض الدم والأورام بجامعة كالفورنيا دايفد غيفين: "نعتقد بأن هذه الدراسة تمهّد الطريق أمام احتمال استخدام هذا النهج لمحاربة فيروس HIV لدى الأشخاص المصابين، على أمل اجتثاث الفيروس من أجسادهم". لقد اعتمد الباحثون على بحث سابق كان قد أكد إمكانية استنساخ الجزء الفعّال من خلايا Tالمناعية والتي تحارب الخلايا المصابة بفيروس الإيدز ولكنها تفشل عادة بسبب كميتها المحدودة في الجسم، حيث استطاعوا تعديل خلايا دم جذعية لدى الإنسان ومن ثمّ وضعوها في نسيج "تيموس" إنساني وزرعوه داخل مجموعة من الفئران، وأخذوا يراقبون ردة فعل تلك الكائنات الحيّة. وبالفعل تحوّلت وتطورت تلك الخلايا الجذعية المحوّرة وراثياً إلى كمية وافرة من الخلايا القادرة على استهداف الخلايا المصابة بالإيدز والقضاء عليها. وبشكل مشابه قام الباحثون هذه المرة بتشكيل خلايا T ناضجة وجاهزة لمهاجمة الـ HIV داخل الأنسجة التي يتخذها الفيروس كمكان آمن للتكاثر وذلك عن طريق "فأرة مؤنسنة" تكون فيها الإصابة مشابهة جداً للمرض ومسيره لدى البشر. وبعد سلسلة من التجارب والفحوصات التي جرت في الأسبوع الثاني والسادس بعد إدخال الخلايا المعدّلة وجد الباحثون أن عدد الخلايا المناعية البيضاء التي يدمّرها الإيدز عادة قد ارتفع من جديد، وتراجعت في الوقت نفسه مستويات الـ HIV في الدم. ويختم البروفيسور غيفن المشرف على الدراسة قائلاً: "نؤمن بأن دراستنا تشكّل الخطوة الأولى على طريق تطوير طريقة أشد فاعلية في تصحيح استجابة خلايا T المناعية والتي تسمح لفيروس الأيدز بالاستفحال في جسم المصاب".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق